عطاؤه شكّل علامة مميزة في تاريخ الجزائر الحديث
ودّاد الحاج
رفعت عائلة المفكر والمجاهد بلفضل المختار التماسا إلى السلطات العمومية، بضرورة تخليد وتكريم فقيدها عبر إطلاق اسمه على أحد المراكز الجامعية، سيما أنّ عطاءه شكّل علامة مميزة في فترة حساسة من تاريخ الجزائر الحديث وخصوصا خلال الفترة التي واكبت ثورة التحرير الكبرى، حيث كان الرجل من ضمن النخبة المثقفة التي راهنت عليها قيادة الثورة لترشيد الفعل الوطني، من خلال إصرارها على دعوته مع رفاقه لنهل العلم من منابعه الصافية كجامعي الزيتونة و الأزهر.
ولـد المختار بلفضل بتاريخ 02/06/1933 بجبل الناظور التابع لدائرة السوقر ولاية تيارت، حفظ القرآن الكريم بجامع والده الشيخ الطاهر بلفضل بالسحاري- الشراقة، ثم انتقل إلى بلدة عين تادلس بولاية مستغانم حيث أتمَّ حفظ القرآن الكريم حفظا دقيقا على مشايخ تلك المنطقة، كما نال حظا وافرا من علوم العربية وجانبا من الفقه.
وفي سنة 1950 التحق بمدرسة الحياة بوهران التابعة آنذاك لجمعية العلماء المسلمين، والتي كان يشرف عليها ويديرها الشيخ المعترف له محمد المنصوري، حيث قضى بها عامين وتفطنت قوات المستعمر إلى الدور الذي تؤديه تلك المدرسة في إعداد النشئ، فألقت القبض على مديرها وأغلقتها نهائيا.
وكانت الإرهاصات الأولى للقيام بالثورة التحريرية المباركة، وفي هذه الظروف العويصة لم يجد المختار أمامه سوى السعي إلى المغرب الأقصى طلبا للعلم، ومكث هناك مدة عامين يدرس ويتلقى العلم بجامعة القرويين ثم اضطر للعودة إلى الوطن المفدى والثورة في أوجها، ولم يقض عاما بالوطن حتى شدَّ الرحال مرة أخرى ولكن هذه المرة إلى الشرق حيث قصد جامع الزيتونة بتونس وبقي يدرس مدة ثلاث سنوات، وظل في اتصال دائم مع جبهة التحرير الوطني رفقة زملاء له نذكر من بينهم الأستاذ غلام الله بوعبد الله – وزير الشؤون الدينية حاليا- والدكتور يحيى بوعزيز بوهران وزميله ورفيق دربه الأستاذ الجيلالي زيتوني، وبعد نيل شهادة التحصيل من جامع الزيتونة قررت جبهة التحرير الوطني إرسالهم إلى الجامعات العربية من أجل مزاولة الدراسات العليا وهذا باقتراح من الحكومة المؤقتة المقيمة بتونس، وكان حظ المختار ويحيى بوعزيز أن أرسلا إلى القاهرة، وأرسل غلام الله بوعبد الله إلى دمشق بسوريا وأرسل الجيلالي زيتوني إلى بغداد بالعراق.
كان الأستاذ المختار ممثلا لمنظمة الطلبة الجزائريين بمصر، وفي أحد اللقاءات التي كان ينظمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خصيصا للطلبة الجزائريين منحه وسام شرف وتقدير الجمهورية العربية المتحدة.
وأتمّ المختار بلفضل الدراسة بجامعة القاهرة بتقدير “جيد جدا” بنيله لشهادة الليسانس في الأدب والفلسفة وعلم النفس، وعاد إلى الجزائر في 1963 وعيّن رئيس تحرير لجريدة “الشعب” بالجزائر العاصمة، وبعد سنة انتقل إلى تيارت حيث عين أستاذَا بثانوية ابن رستم رفقة زميليه غلام الله وزيتوني، ولم يمض إلا سنوات قلائل حتى تعرض لحادث مرور بالطريق الوطني السوقر- تيارت توفي على إثره الأستاذان “المختار وزيتوني الجيلالي” سنة 1967.